مقالات شخصية

رقمنة العمل الجمعوي في الجزائر: هل آن أوان التحول؟”

في زمنٍ باتت فيه الرقمنة شرطاً أساسياً للبقاء، وليس فقط للتطور، تطرح الجزائر سؤالاً ملحاً: لماذا ما زالت معظم منظماتنا وجمعياتنا عالقة في الورق والبيروقراطية؟ وهل آن الأوان لتدخل هذه الكيانات بشكل فعلي إلى العصر الرقمي؟

رغم الجهود المبذولة في السنوات الأخيرة، لا تزال نسبة كبيرة من الجمعيات الجزائرية تعتمد على الأساليب التقليدية في تسيير نشاطاتها: ملفات ورقية، أرشيفات يدوية، غياب قاعدة بيانات، وتواصل ضعيف عبر الإنترنت. والنتيجة؟ بطء في الأداء، ضعف في الشفافية، صعوبة في الوصول إلى التمويلات، وانعدام التفاعل مع الجمهور، خاصة فئة الشباب المرتبطة عضوياً بالوسائط الرقمية.

لا يمكن إنكار وجود نماذج ناجحة لجمعيات بدأت تسلك الطريق الرقمي، عبر إنشاء مواقع إلكترونية وتطبيقات، واعتماد إدارة رقمية للأنشطة والعضويات. لكنها تظل استثناءات تؤكد القاعدة، وليس القاعدة نفسها.

المشكلة لا تكمن فقط في غياب الوسائل، بل في غياب الوعي الرقمي. كثير من الجمعيات لا ترى في الرقمنة أولوية، أو تعتبرها رفاهية لا ضرورة. وهذا تصور خاطئ في عالم تحكمه السرعة، والشفافية، والوصول السهل إلى المعلومة.

الدخول إلى العصر الرقمي لا يعني بالضرورة صرف ميزانيات ضخمة أو تعقيد الإجراءات. أحياناً يكفي موقع بسيط، أو صفحة تواصل اجتماعي نشطة، أو قاعدة بيانات إلكترونية لتنظيم الملفات. ما يلزم هو إرادة حقيقية، وتكوين مناسب، ودعم بسياسات حكومية واضحة تعزز الرقمنة في المجتمع المدني.

إن المنظمات والجمعيات هي صلة وصل بين المواطن والدولة، وبين المبادرة الفردية والعمل الجماعي. فإذا بقيت خارج العصر الرقمي، فستفقد تأثيرها تدريجياً، وربما مصداقيتها أيضاً.

في النهاية، لا نسأل هل يجب أن تدخل منظماتنا إلى العصر الرقمي، بل لماذا تأخرت إلى هذا الحد؟ والتأخير اليوم لم يعد مقبولاً، لأن من لا يواكب التحول الرقمي، سيجد نفسه على هامش التاريخ، لا في قلبه.