بريد الجزائر في مرمى الانتقادات بعد فشل رقمنة مسابقة التوظيف
في خطوة كانت تُنتظر أن تمثّل تقدمًا ملموسًا نحو رقمنة الخدمات العمومية، أعلنت مؤسسة بريد الجزائر عن نيتها تنظيم مسابقة توظيف عبر منصة رقمية مخصصة، لكن سرعان ما تحوّلت المبادرة إلى مصدر للانتقادات والتساؤلات، بعد فشل المنصة في تلبية أبسط معايير الأداء والكفاءة التقنية، مما أدى إلى تأجيل مسابقة التوظيف وإثارة جدل واسع على منصات التواصل الاجتماعي.
إخفاق تقني يُفضح هشاشة البنية الرقمية
منذ الساعات الأولى لإطلاق المنصة، واجه المستخدمون صعوبة كبيرة في الدخول والتسجيل، نتيجة الضغط الهائل وسوء تقدير قدرة الاستيعاب، وعدم تجاوب الخوادم. وقد أكد العديد من المشاركين أن الموقع كان يتوقف عن العمل بشكل متكرر أو لا يستجيب إطلاقًا، ما أثار موجة غضب واستياء في الأوساط الشبابية الباحثة عن فرصة عمل.
هذا الإخفاق لم يكن مجرد حادث عرضي، بل كشف عن ضعف البنية التحتية الرقمية لمؤسسات عمومية يُفترض بها أن تقود التحول الرقمي في البلاد. كما سلط الضوء على غياب استراتيجية واضحة ومتكاملة في تنفيذ المشاريع التكنولوجية، واعتماد حلول جزئية غير مدروسة تُنفّذ على عجل وبدون اختبار شامل.
التحديات البنيوية للرقمنة في الجزائر
رغم التصريحات الرسمية التي تتحدث عن “عصرنة الإدارة” و”تحسين الخدمات الرقمية”، لا تزال الجزائر تواجه جملة من التحديات العميقة في مجال الرقمنة، أبرزها:
-
ضعف البنية التحتية التكنولوجية:
لا تزال شبكات الإنترنت في العديد من المناطق تعاني من بطء شديد وانقطاعات متكررة، ما يعيق أي مشروع رقمي واسع النطاق. -
نقص الكفاءات الرقمية:
تعاني المؤسسات العمومية من نقص حاد في الخبرات المتخصصة في تطوير البرمجيات، إدارة قواعد البيانات، وضمان أمن المعلومات. -
الذهنية الإدارية التقليدية:
تهيمن العقليات البيروقراطية على المؤسسات، ما يجعلها بطيئة في تبني التحوّل الرقمي وتطبيقه بفعالية.
نحو رقمنة حقيقية لا شكلية
التحوّل الرقمي لا يتحقق بإطلاق منصات إلكترونية فحسب، بل يتطلب رؤية شاملة ترتكز على تأهيل العنصر البشري، تطوير البنى التحتية، وتحقيق التنسيق بين مختلف القطاعات. وينبغي أن تُستثمر مثل هذه الإخفاقات لا كدليل فشل، بل كفرصة لتشخيص نقاط الضعف ومعالجتها بأسلوب علمي ومنهجي.
كما أن الشفافية في عرض المشاريع، وإشراك الخبراء المحليين، واعتماد سياسة تقييم ومحاسبة، تُعدّ من الركائز الأساسية لأي مسعى رقمي ناجح.