مقالات شخصية

إسرائيل تقصف الدوحة: تحوّل استراتيجي في معادلة الصراع

في تطور غير مسبوق، نفذت إسرائيل في 9 سبتمبر 2025 غارة جوية داخل العاصمة القطرية الدوحة، استهدفت مقرًا قياديًا لحركة حماس خلال اجتماع مغلق خُصص لمناقشة مبادرة أمريكية لوقف إطلاق النار في غزة. لم يكن هذا الهجوم حدثًا عابرًا، بل شكّل نقطة تحوّل خطيرة في مسار الصراع، إذ نقل المواجهة لأول مرة إلى قلب منطقة الخليج العربي، بعيدًا عن ساحات الاشتباك التقليدية في فلسطين ولبنان.

خلفية المشهد

منذ اندلاع الحرب الأخيرة في غزة، برزت قطر كوسيط رئيسي بين حماس والولايات المتحدة، مستفيدة من استضافتها لعدد من قادة الحركة. لكن إسرائيل رأت في ذلك دعمًا سياسيًا وماليًا مباشرًا، لتنتقل من سياسة الضغط الدبلوماسي إلى توجيه ضربة عسكرية مباشرة على أرضٍ حليفة لواشنطن وتحتضن أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة (قاعدة العديد).

تفاصيل العملية

  • المكان: حي اللقطيفية في الدوحة.

  • الأهداف: قادة بارزون في حركة حماس، بينهم خليل الهية وخالد مشعل.

  • النتائج: مقتل ستة أشخاص، من بينهم نجل الهية، مدير مكتبه، ثلاثة حراس، وضابط أمني قطري.

  • الجهة المنفذة: سلاح الجو الإسرائيلي مدعومًا بمعلومات استخباراتية من جهاز الشاباك.

هذه العملية اعتُبرت رسالة واضحة بأن إسرائيل مستعدة لتجاوز الحدود التقليدية للصراع، حتى على حساب إحراج حليفها الأكبر، الولايات المتحدة.

التداعيات الإقليمية والدولية

  • قطر: وصفت القصف بأنه انتهاك خطير لسيادتها، مؤكدة رفضها أن تتحول أراضيها إلى ساحة لتصفية الحسابات.

  • دول الخليج: عبّرت عن قلق بالغ، خشية أن تكون هذه الحادثة بداية لانفلات أمني قد يطال المنطقة بأكملها.

  • الولايات المتحدة: سارعت للتأكيد أن العملية لم تُنسَّق معها، فيما اعتبر الرئيس ترامب أنها لم تخدم مصالح واشنطن ولا تل أبيب، ما يعكس توترًا في العلاقة رغم التحالف الوثيق.

  • روسيا: أدانت العملية باعتبارها خرقًا للقانون الدولي، محاولةً تكريس نفسها كقوة موازنة في الشرق الأوسط.

  • أوروبا: أبدت لندن موقفًا واضحًا، ووصفت الضربة بأنها تهديد مباشر للاستقرار ونسف لجهود الوساطة.

الأبعاد الاستراتيجية

  • إلى حماس: لا مكان آمن لقياداتها، حتى في الدول القريبة من الغرب.

  • إلى قطر: تحذير مباشر بضرورة مراجعة سياستها تجاه دعم حماس.

  • إلى واشنطن: تل أبيب مستعدة للتحرك منفردة ولو أدى ذلك إلى إحراج الإدارة الأمريكية.

  • على مستوى الخليج: إدخال الدوحة إلى دائرة الصراع قد يخلط أوراق التحالفات ويزيد هشاشة الوضع الأمني.

التحديات المقبلة

  • إسرائيل: موازنة بين المكاسب التكتيكية من اغتيال قيادات حماس وبين المخاطر الاستراتيجية المترتبة على استفزاز قطر والخليج.

  • قطر: البحث عن رد مناسب يحفظ سيادتها دون الانجرار إلى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل.

  • المجتمع الدولي: إما اتخاذ خطوات عملية لكبح التصعيد أو الاكتفاء ببيانات الإدانة.

القصف الإسرائيلي على الدوحة ليس مجرد عملية عسكرية، بل تغيير في قواعد اللعبة. إنه اختبار لقدرة القانون الدولي على حماية سيادة الدول، وإنذار بأن الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي قد يتجاوز حدوده التقليدية ليهدد عواصم جديدة. وإذا لم يُحتوَ الموقف دبلوماسيًا، فقد تدخل المنطقة مرحلة جديدة من الفوضى، حيث تتحول العواصم الخليجية نفسها إلى ساحات مواجهة، في أخطر تهديد لأمن الطاقة والاقتصاد العالمي.